شرح حديث: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر
عن سَهْل بن سَعْد السَّاعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال الناسُ بخيرٍ ما عجَّلوا الفطر))؛ متفق عليه[1].
يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: دلَّ الحديث على أن السُّنة تعجيلُ الفطر والمبادرةُ إليه بعد تحقق غروب الشمس، وأن أمر الأمةِ لا يزال منتظمًا وهم بخيرٍ، ما داموا محافظين على هذه السُّنة.
الفائدة الثانية: من السُّنة أن يُفطر الصائم على الرُّطَب، فإن لم يتيسَّر فعلى التمر، فإن لم يتيسر فعلى الماء؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُفطِر على رطبات قبل أن يُصلِّي، فإن لم يكن رطبات فتمرات، فإن لم يكن تمرات حسَا حسوات من ماءٍ؛ رواه أحمد[2].
وكان صلى الله عليه وسلم يُفطِر على أشياء خفيفةٍ لا تؤذي المَعِدَة، فالرطب أو التمر سريعُ الامتصاص؛ لِما يشتمل عليه من الموادِّ السُّكرية[3].
الفائدة الثالثة: لمشروعية تعجيل الفطر حِكَم متعددة؛ منها:
أولًا: المبادرة لطاعة الله تعالى بالفطر، كما حصلت طاعته بالصوم.
ثانيًا: ترك الغلو والتنطُّع في الدين بالزيادة على الفرض بما لم يَشْرَعه الله تعالى.
ثالثًا: الأخذ برخصة الله والتمتُّع بما في شريعته من التيسير والتسهيل؛ حيث لم يلزمهم بمواصلة الصيام.
رابعًا: ترك التشبُّه بأهل الكتاب، فإنهم يُؤخِّرون الفطر؛ كما جاء ذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال الدينُ ظاهرًا ما عجَّل الناسُ الفطر؛ لأن اليهود والنصارى يُؤخِّرون))؛ رواه أحمد[4].
خامسًا: أنه أرفق بالصائم، وأقوى له على مواصلة العبادة.
[1] رواه البخاري 2/ 692 (1856)، ومسلم 2/ 771 (1098).
[2] رواه أحمد 3/ 164، وأبو داود 2/ 306، (2356)، والترمذي 3/ 79 (696)، قال الترمذي: حديث حسن غريب، وحسنه الألباني في إرواء الغليل (922).
[3] ينظر: الدليل الطبي والفقهي؛ للدكتور حسان شمسي باشا، ص149.
[4] رواه أحمد 2/ 450، وأبو داود / 305 (2353)، واللفظ له، والنسائي في الكبرى 2/ 253 (3313)، وابن ماجه 1/ 542 (1698)، وصححه ابن خزيمة 3/ 275 (2060)، وابن حبان 8/ 273 (3503)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين 1/ 596، وقال الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (2538): إسناده حسن.
تعليقات
إرسال تعليق